كفالة الارامل والمطلقات: فريضة إسلامية وواجب إنساني يبني المجتمع

كفالة الارامل والمطلقات: فريضة إسلامية وواجب إنساني يبني المجتمع


تُعد كفالة الارامل والمطلقات من أنبل الأعمال الخيرية في الإسلام، فهي تعكس رحمة الدين بأضعف فئات المجتمع وتجسد مبدأ التكافل الاجتماعي الذي أمر الله به. الأرملة التي فقدت زوجها والمطلقة التي انتهت علاقتها الزوجية غالباً ما تواجهان صعوبات مادية ونفسية كبيرة، خاصة إذا كان لديهن أطفال يعتمدن عليهن في الرعاية والتربية.


الإسلام أولى هذه الفئة اهتماماً خاصاً، فقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله"، وفي رواية أخرى: "كالقائم الذي لا يفتر، والصائم الذي لا يفطر". هذا الثناء العظيم يرفع كفالة الارامل والمطلقات إلى مرتبة الجهاد والقيام والصيام، مما يدل على الأجر الجزيل المترتب عليها والحث الشديد على القيام بها.


كفالة الارامل والمطلقات لا تقتصر على الدعم المالي الشهري، بل تشمل جوانب متعددة: توفير المسكن الآمن، والغذاء والكساء، والتعليم للأطفال، والرعاية الصحية، والتدريب المهني لتمكين المرأة من الاعتماد على نفسها مستقبلاً. هذا الدعم الشامل يحفظ كرامة الأسرة ويمنعها من الوقوع في الفقر المدقع أو اللجوء إلى طرق غير مشروعة لتأمين العيش.


من الناحية الشرعية، تدخل كفالة الارامل والمطلقات تحت مصارف الزكاة الثمانية، خاصة باب الفقراء والمساكين والغارمين وابن السبيل، فيجوز صرف جزء من الزكاة لهن إذا استوفين الشروط. كما أنها من أفضل الصدقات الجارية، فدعم أسرة أرملة أو مطلقة يعني رعاية أجيال قادمة، تربى على القيم الإسلامية الصحيحة بعيداً عن الحرمان والانحراف.


في المجتمعات الإسلامية، تلعب كفالة الارامل والمطلقات دوراً حيوياً في الحد من التفكك الأسري والمشكلات الاجتماعية، فالأم المطمئنة مادياً ونفسياً تستطيع تربية أبنائها تربية سليمة، فيصبحون أعضاء نافعين في المجتمع بدلاً من عبء عليه. كما أن هذه الكفالة تقلل من ظاهرة الجريمة والانحرافات الناتجة عن الفقر، وتعزز الاستقرار الاجتماعي العام.


عملياً، أصبحت كفالة الارامل والمطلقات أسهل من أي وقت مضى بفضل الجمعيات الخيرية والمنصات الإلكترونية الموثوقة التي تقدم برامج كفالة شهرية أو موسمية. يمكن للمتبرع اختيار كفالة أسرة معينة والحصول على تقارير دورية عن حالتها، أو المساهمة في صندوق عام لدعم هذه الفئة، مع ضمان الشفافية والوصول المباشر للمستفيدات.


من الفوائد الروحية والدنيوية لكفالة الارامل والمطلقات أنها سبب لدعاء صالح يصعد إلى الله، وتكفر الذنوب، وتجلب البركة في الرزق والصحة والأولاد. كثير من المتبرعين يشهدون بأن الله عوضهم خيراً كثيراً بعد أن كفلوا أرملة أو مطلقة، فالخير يعود على صاحبه أضعافاً مضاعفة.


في عصرنا الحالي، مع زيادة معدلات الطلاق والوفيات المبكرة بسبب الحوادث والأمراض، أصبحت الحاجة إلى كفالة الارامل والمطلقات أكثر إلحاحاً. المجتمعات التي تهتم بهذه الفئة تشهد تماسكاً أسرياً أقوى وانخفاضاً في المشكلات الاجتماعية، بينما إهمالها يؤدي إلى تفاقم الفقر والضياع.


كفالة الارامل والمطلقات واجب ديني وإنساني على كل قادر، فهي استجابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسعي على هذه الفئة الضعيفة. المبادرة بها استثمار في الدنيا والآخرة، يبني أمة قوية مترابطة تسودها الرحمة والعدل. من يشارك في هذا الخير يجد في قلبه راحة، وفي رزقه بركة، وفي مجتمعه أماناً واستقراراً.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *